فقه األسرة برؤية مقاصدية عقد الزواج وشروطه برؤية مقاصدية نور الدين أبو لحية الطبعة الثانية دار األنوار للنشر والتوزيع

Transcription

1

2 فقه األسرة برؤية مقاصدية عقد الزواج وشروطه برؤية مقاصدية د. نور الدين أبو لحية الطبعة الثانية دار األنوار للنشر والتوزيع

3

4 فهرس المحتويات مقدمة الكتاب الفصل األول: أحكام العقد وشروطه أوال مدخل إلى أحكام العقد 2 تعريف العقد تصنيف أركان العقد وشروطه في المذاهب الفقهية: تصنيف الشافعية: تصنيف الحنابلة: تصنيف الحنفية: مذهب الزيدية: مذهب اإلمامية: مذهب اإلباضية: ثاينا الصيغة وشروطها 2 تعريف الصيغة وأركانها تعريف الصيغة: مكونات الصيغة: حكم تقدم القبول على اإليجاب: 1 ما تتحقق به صيغة العقد أ الصيغة اللفظية للعقد لغة الصيغة: ألفاظ الصييغة:

5 ألفاظ متفق على صحة العقد بها: ألفاظ متفق على عدم صحة العقد بها: األلفاظ المختلف فيها: زمن الصيغة: حكم التصحيف في الصيغة: حكم األخطاء النحوية في الصيغة: ب صيغة العقد من غير الكالم: الكتابة: اإلشارة: إرسال الرسول: المعاطاة: اإلقرار بالزواج: العقد بالهاتف: اإلنترنت: 2 شروط الصيغة أ اتحاد المجلس في عقد النكاح ب مطابقة القبول لإليجاب ج إنجاز الصيغة الصورة األولى: تعليق العقد بشرط: 2

6 انعدام المعلق عليه وقت التعليق: وجود المعلق عليه وقت التعليق: الصورة الثانية: تعليق العقد على زمن: د تأبيد الصيغة ثالثا شروط المحل 2 شروط الزوجة أ أن تكون الزوجة امرأة: الزواج من الجن: الزواج من الخنثى الزواج المثلي ب كون المرأة محال أصليا للزوج: 1 شروط الزوج حكم زواج الصغير قبل البوغ: حكم زواج المجنون: حكم زواج السفيه: الفصل الثاني: موانع الزواج أوال موانع الزواج المؤبدة 2 مدخل إلى موانع الزواج المؤبدة أ تعريفات: 3

7 ب أسباب التحريم على التأبيد وتأصيلها: ج الحكمة من تحريم هذه األصناف: د حكم االشتباه في التحريم: ه حكم الزواج بالمحارم المؤبدة: 1 المحرمات من النسب أ أصول الرجل من النساء: ب فروع الرجل من النساء: ج فروع أبويه من النساء: 11 د فروع األجداد والجدات المنفصالت بدرجة واحدة: 11 2 المحرمات بالمصاهرة أ العالقة المعتبرة في حرمة المصاهرة: الزواج الصحيح: الزواج الفاسد: العالقة المحرمة: ب أصناف المحرمات بالمصاهرة أصول الزوجة: فروع الزوجة التي دخل بها: زوجات أصوله: زوجات فروعه: 4

8 المحرمات بالرضاعة أ شروط التحريم بالرضاعة: الشرط األول: اتحاد لبن الفحل: الشرط الثاني: أال يتجاوز الرضيع السنتين: رضاعة الكبير: رضاعة المفطوم: الشرط الثالث: أن تكون الرضاعة من الثدي: الشرط الرابع: أن يكون اللبن خالصا االعتبار األول: كمية االختالط: اختالط اللبن بغيره من المواد اختالط اللبن بطعام: اختالط لبن امرأة بلبن امرأة أخرى: حكم بنوك الحليب وتأثيرها في الحرمة: الشرط الخامس: أن يرضع المقدار الكافي: ب أصناف المحرمات من الرضاعة: األصول والفروع: فروع األصول: زوجات الفروع: أصول وفروع زوجته من الرضاع: 5

9 زوجات أصله من الرضاع: مستثنيات من المحرمات من الرضاع ثانيا موانع الزواج المؤقتة 2 المحرمات بسبب الجمع أ الجمع بين األختين: ب الجمع بين أكثر من أربع نسوة: 1 المحرمات بسبب تعلق حق الغير بها أ المحصنات من النساء: ب زوجة المفقود: ج المطلقة ثالثا: د الزواج بالمرأة الحامل: الحالة األولى: الحامل من زواج شرعي: الحالة الثانية: الحامل من زنى: ه المحرمات بسبب اختالف الدين أوال: أهل الكتاب: تعريف أهل الكتاب: حكم الزواج بالكتابيات: زواج الكتابيات من أهل الحرب: اعتبار النسب في زواج الكتابيات: 6

10 ثانيا: من لهم شبهة كتاب: المجوس: الصابئة: ثالثا: من ليس لهم كتاب: الفصل الثالث: الوالية في الزواج 142 أوال أحكام الوالية القائلون باشتراط الوالية: القائلون بعدم اشتراط الوالية: 121 ثانيا من تثبت عليه الوالية الصغار: 1 البكر أ حكم إجبار البكر: ب عالمات إذن البكر: الكالم: الصمت: البكاء: 2 الثيب الضحك: ثالثا األولياء ومراتبهم 7

11 8 :بلأا 111 :دجلا 121 :ءانبلأا 122 :ةوخلإا 122 :مامعلأا 121 ووذ :ماحرلأا 121 :مكاحلا 112 :يصولا 111 نم تملسأ ىلع ةأرملا :هيدي 112 ةعامج :نيملسملا 111 لصفلا :عبارلا ةءافكلا يف جاوزلا 112 لاوأ ماكحأ ةءافكلا مكح :ةءافكلا راثلآا نع ةبترتملا فلخت :ةءافكلا ىضر مكح ضعب نود ءايلولأا :ضعب ريرغتلا يف :هراثآو ةءافكلا 121 ايناث ماكحلأا ةيليصفتلا لاصخل ةءافكلا ةءافكلا يف نيدلا 121 مكح جوزت رفاكلا :ةملسمب 122

12 الكفاءة في التدين 1 الكفاءة في النسب 2 الكفاءة في الحرفة 1 الكفاءة في المال الفصل الخامس: الشروط المقيدة للعقد وأحكامها أوال أنواع الشروط المقيدة للعقد وأحكامها 2 اشتراط ما يقتضيه العقد 1 ما يكون مناقضا لمقتضى العقد 2 ما ال يقتضيه العقد وال ينافيه وللزوجة فيه مصلحة القول األول: صحة العقد وعدم لزوم الشرط أدلته: القول الثاني: صحة العقد ولزومه أدلته: ثانيا نماذج عن مواقف العلماء من الشروط المقيدة للعقد 2 اشتراط المرأة على زوجها أن يطلق ضرتها: 1 اشتراط المرأة أن ال يتزوج عليها: 2 اشتراط طالق كل امرأة يتزوج بها عليها: الفصل السادس أنواع مختلف فيها من عقود الزواج 9

13 أوال زواج المسيار 2 حقيقته 1 حكمه: القول األول: بطالن هذا النوع من الزواج القول الثاني: جواز هذا النوع من الزواج ثانيا الزواج العرفي 2 حقيقة الزوج العرفي 1 حكمه الحالة األولى: قبل الزواج الحالة الثانية: بعد البناء: ثالثا زواج األصدقاء [ الزوج فريند ] 222 رابعا الزواج المؤقت تعريف زواج المتعة 1 حكم زواج المتعة عند اإلمامية من القرآن الكريم: الرد على دعوى النسخ: اإلجابة على شبه المخالفين: 2 حكم زواج المتعة عند أهل السنة اإلجابة على أدلة المخالفين: 01

14 أثر زواج المتعة: 1 وجوه التقارب بين أهل السنة واإلمامية حول زواج المتعة أ أن المسألة خالفية بين أهل السنة ب أن في بعض ما يجيزه بعض أهل السنة من زواج ماهو أشد من زواج المتعة ج أن نص الدليل نفسه يحمل دالئل عدم قطعية التحريم د جواز زواج المتعة الذي يتفق عليه الطرفان قبل العقد: ه ورود الخالف في صحة ذكر التوقيت في العقد 2 ضوابط إباحة زواج المتعة أ أن يكون من باب الضرورة: ب ثبوت النسب في زواج المتعة: المصادر والمراجع 00

15 مقدمة الكتاب بعد الحديث في الجزء السابق عن الممهدات التي ينني عليها الزواج والتي يدرج أكثرها في باب المستحبات من الفقه نتناول في هذا الجزء األساس األكبر الذي يقوم عليه الزواج وهو )العقد( والذي ال يتحقق الزواج الشرعي بدونه. والعقد هو الميثاق الغليظ الذي جعله الله تعالى الوسيلة الوحيدة التي يجوز فيها معاشرة كال يث اقا الجنسين لبعضهما قال تعالى: و ك ي ف ت أ خ ذ ون ه و ق د أ ف ض ى ب ع ض ك م إ ل ى ب ع ض و أ خ ذ ن م ن ك م م غ ل يظا )النساء: 12 ( وتسميته بهذا دليل على عظم المسؤولية المناطة به ودليل في نفس الوقت على خطره. بل إنه سماه أمانة الله وكلمة الله فقال :)اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله( )1( ولذلك فإن البعد المقاصدي الذي يراعي جانب الميثاق في العقد وجانب األمانة فيه يستدعي النظر إلى العقد من زاوية خدمته لمقاصد الشريعة من الزواج فيشتد في المواضع التي تخدم هذه المقاصد ويتساهل في الجوانب الشكلية التي قد ال تؤثر في حقيقة المقاصد. وانطالقا من هذا سنتحدث في هذا الجزء عن ستة مواضيع كبرى تعطي بمجموعها صورة عن عقد الزواج الشرعي بأركانه وشروطه والتفاصيل الضرورية المرتبطه بها وهذه المواضيع هي: وهو منبن على ما سبق ذكره فاالختيار والخطبة ينتج عنهما العقد الشرعي. صحيح ابن خزيمة: 122/1 المنتقى البن الجارود: 212/2 المسند المستخرج على صحيح )1( مسلم: 221/2 سنن الدارمي: 11/1. 02

16 أحكام العقد وشروطه. موانع الزواج الوالية في الزواج. الكفاءة في الزواج. الشروط المقيدة للعقد وأحكامها. أنواع مختلف فيها من عقود الزواج

17 الفصل األول أحكام العقد وشروطه يحتوي هذا الفصل على ثالثة مباحث هي: 2. مدخل إلى أحكام العقد: ذكرنا فيه التصنيفات الفقهية المختلفة ألركان العقد وشروطه واصطالحات المذاهب في ذلك مما تمس إليه الحاجة في هذا الجزء أو في األجزاء الالحقة وقد ذكرنا التصنيف الذي نعتمده في ذلك والذي على أساسه ينبني حديثنا عن أركان العقد وشروطه. الصيغة وشروطها: باعتبارها الركن األول واألساسي للعقد. شروط المحل وقد اقتصرنا هنا على أهم الشروط وسنذكر الموانع المتعلقة بالمحل في.1.2 فصل خاص في هذا الجزء. أوال مدخل إلى أحكام العقد الغرض من هذا المبحث هو التعرف على المواقف المختلفة للمذاهب الفقهية من عقد الزواج والتعرف على االصطالحات المستعملة في ذلك لتفادي األخطاء التي تقع عند بيان خالفات العلماء والناتجة من عدم التعرف على اصطالحات المذاهب المختلفة ولذلك كان هذا مبحثا تمهيديا لتسهيل الوصول إلى تفاصيل الخالفات وأدلتها في المباحث أو الفصول القادمة. 2 تعريف العقد 04

18 لغة : نقيض الحل عقده يعقده عقدا وتعقادا وعقده وهو الربط والشد والضمان والعهد وهو الجمع بين الشيئين بما يعسر االنفصال معه وأصله الشد والجمع عقود ومنه قوله تعالى: )المائدة: 2 (وقوله تعالى: و ال ت ع ز م وا ع ق د ة الن ك اح ح ت ى ي ب ل غ ي اأ ي ه ا ال ذ ين آم ن وا أ و ف وا ب ال ع ق ود ال ك ت اب )البقرة: 122 (أي: أحكامه والمعنى: ال تعزموا على عقدة النكاح في زمان العدة. وأصل العقد الربط والوثيقة قال الله تعالى: و ل ق د ع ه د ن ا إ ل ى آد م م ن ق ب ل ف ن س ي و ل م ن ج د ل ه ع ز ما )طه: 222 (وتقول العرب: عهدنا أمر كذا وكذا أي: عرفناه وعقدنا أمر كذا وكذا أي: ربطناه بالقول كربط الحبل بالحبل. اصطالحا: يطلق العقد على معنيين: المعنى العام: وهو كل ما يعقد الشخص أن يفعله هو أو يعقد على غيره فعله على وجه إلزامه إياه وعلى ذلك فيسمى البيع والنكاح وسائر عقود المعاوضات عقودا ألن كل واحد من طرفي العقد ألزم نفسه الوفاء به وسمي اليمين على المستقبل عقدا ألن الحالف ألزم نفسه الوفاء بما حلف عليه من الفعل أو الترك وهو ما أشار إليه قوله تعالى: ي اأ ي ه ا ال ذ ين آم ن وا أ و ف وا ب ال ع ق ود )المائدة: 2 ( قال العلماء في تفسيرها: يعني بذلك عقود الدين وهي ما عقده المرء على نفسه من بيع وشراء وإجارة وكراء ومناكحة وطالق ومزارعة ومصالحة وتمليك وتخيير وعتق وتدبير وغير ذلك من األمور ما كان ذلك غير خارج عن الشريعة وكذلك ما عقده على نفسه لله من الطاعات كالحج والصيام واالعتكاف والقيام والنذر وما أشبه ذلك من طاعات ملة اإلسالم )1(. انظر: لسان العرب: 111/2 التبيان في تفسير غريب القرآن: 221/2 أحكام القرآن البن العربي: 2/1. 05 )1( تفسير القرطبي: 21/1.

19 وهو ما فسرها به الصدر األول قال ابن عباس: أوفوا بالعقود معناه: بما أحل وبما حرم وبما فرض وبما حد في جميع األشياء وكذلك قال مجاهد وغيره. المعنى الخاص: ويطلق على ما ينشأ عن إرادتين لظهور أثره الشرعي في المحل قال الجرجاني: العقد ربط أجزاء التصرف باإليجاب والقبول )1( وقد عرفته مجلة األحكام في المادة 242 بأنه: التزام المتعاقدين وتعهدهما أمرا هو عبارة عن ارتباط اإليجاب بالقبول.وهذا المعنى الخاص هو المراد هنا بعقد النكاح. 1 تصنيف أركان العقد وشروطه في المذاهب الفقهية: اختلف الفقهاء في تصنيف أركان العقد وشروطه وهو في مجمله خالف اصطالحي ال عالقة كبيرة له باألحكام ومع ذلك فإنه من المهم االطالع على هذه التصنيفات ليسهل التعرف من خاللها على وجوه االختالف العامة وعلى مدى األهمية التي تكتسيها بعض نواحي عقد الزواج على البعض اآلخر بحسب رؤية الفقهاء لفلسفة الزواج ومقاصده في الشريعة اإلسالمية. تصنيف المالكية: أركان النكاح إلى أربعة إجماال وخمسة تفصيال وهي: صنف جمهور المالكية )1( الولي: وال يصح الزواج بدونه وشروطه هي: وهي اإلسالم والبلوغ والعقل والذكورية تفسير ابن كثير: 1/1. التعريفات: 211. )1( درر الحكام: 214/2. انظر: الخرشي: 221/2 الفواكه الدواني: 1/1. )1( 06

20 واختلف في اشتراط العدالة والرشد فقيل يعقد السفيه على وليته وقيل يعقد وليه. الصداق: فال يصح نكاح بغير صداق لكن ال يشترط ذكره عند عقد النكاح لجواز نكاح التفويض فإنه عقد بال ذكر مهر فإن تراضيا على إسقاطه أو اشترطا إسقاطه أصال فإن النكاح ال يصح. المحل: أي ما تقوم به الحقيقة وهي ال تقوم إال من الزوج والزوجة الخاليين من الموانع الشرعية كاإلحرام والمرض وغير ذلك ألن المحل من األمور النسبية التي ال تقوم إال بمتعدد وللمحل نوعان من الشروط عند المالكية هي شروط صحة النكاح:وهي اإلسالم في نكاح مسلمة والعقل والتمييز وتحقيق الذكورية وشروط انعقاد النكاح: وهي الحرية والبلوغ والرشد والصحة والكفاءة. الصيغة: وهي ما صدر من الولي ومن الزوج أو من وكيلهما الدالة على انعقاد وشروط الصيغة هي: أن تكون بما يقتضي اإليجاب والقبول كلفظ التزويج والتمليك ويجري مجراهما وأال تكون معلقة عل شرط غير محقق وأن تكون فورا من الطرفين فإن تراخى فيه القبول عن اإليجاب يسيرا جاز وأن يكون اللفظ على التأبيد )1(. واعتبار هذه الخمسة أركانا بمعنى أن يكون كل واحد منها جزءا من ماهية العقد من باب التجوز وباعتبار انعدام الماهية بانعدامها غير أن هذا رد بعدم اعتبار الشهود ركنا في العقد. وللحطاب من المالكية تصنيفه الخاص وهو اعتباره الزوج والزوجة ركنين ال ركنا واحدا 07 القوانين الفقهية: 221. القوانين الفقهية: 222. )1(

21 ألن حقيقة النكاح ال توجد إال بهما أما الولي والصيغة فشرطان لخروجهما عن ذات النكاح أما الصداق والشهود فلم يعدهما من األركان وال من الشروط لوجود النكاح بدونهما ألن المضر إسقاط الصداق والدخول بال شهود. وقد رد عليه بأن حقيقة النكاح وهي العقد المخصوص ال تتحصل إال بالصيغة كما أنه ال يتحصل إال بالزوج والزوجة من حيث إنهما محالن ال من حيث إنهما مقومان لحقيقته. تصنيف الشافعية: صنف الشافعية )1( أركان الزواج إلى أربعة أركان وهي: الصيغة والزوجة والشهادة والعاقدان وقد يعبر عن العاقدين بالولي. وقد اختلف في عد الزوجين ركنا واحدا أوركنين منفصلين ألنه يعتبر في كل منهما ما ال يعتبر في اآلخر أو لتعلق العقد بهما. وقد علل بعضهم عدم ذكر االصداق في أركان النكاح بخالف الثمن في البيع ألن الغرض من النكاح االستمتاع وتوابعه وذلك قائم بالزوجين فهما الركنان. وذكر بعضهم أن أركان النكاح تشمل اإليجاب والقبول فقط ألن النكاح هو العقد المركب من اإليجاب والقبول وهذه األمور التي ذكروها لم تتركب منها ماهيته كما هو مقتضى التعبير باألركان ألن الركن ما تتركب منه الماهية كأركان الصالة. وأجابوا عن ذلك بأن المراد باألركان ما ال بد منها فيشمل األمور الخارجة كالشاهدين الخرشي: 221/2. )1( شرح البهجة: 242/1 تحفة المحتاج: 121/2 حاشية الجمل: 222/1 حاشية البجيرمي على الخطيب: 212/2. 08

22 فإنهما خارجان عن ماهية النكاح ولهذا اعتبرهما الغزالي شرطين. تصنيف الحنابلة: أركان الزواج إلى ثالثة هي: الزوجان الخاليان من الموانع واإليجاب صنف الحنابلة والقبول وقد أسقط بعضهم الزوجين كما في المقنع والمنتهى وغيره لوضوحه وألن ماهية النكاح مركبة من اإليجاب والقبول ومتوقفة عليهما وال ينعقد النكاح إال بهما. تصنيف الحنفية: اعتبر الحنفية )1( ركنا واحدا للزواج هو اإليجاب والقبول ألن االنعقاد هو ارتباط أحد الكالمين باآلخر على وجه يسمى باعتباره عقدا شرعيا ويستعقب األحكام وذلك بوقوع الثاني جوابا معتبرا محققا لغرض الكالم السابق ويسمع كل من العاقدين كالم صاحبه والكالمان هما اإليجاب والقبول. وقد صنفوا الشروط من حيث أثر وجودها أو فقدانها إلى األصناف التالية : شروط االنعقاد: وهي التي يلزم توافرها في أركان العقد أو في أسسه وإذا تخلف شرط منها كان العقد باطال باتفاق وخالصة شروط االنعقاد عندهم هي: ما يرجع إلى محل العقد:ويشترط لمحل العقد شرطان هما: 2. أن يكون كل من العاقدين أهال لمباشرة العقد بأن يكون مميزا سواء كان كامل األهلية كالبالغ الرشيد أو ناقصها كالصبي المميز غير أن كامل األهلية عقده نافذ وناقصها عقده كشف القناع: 22/2. فتح القدير: 211/2 البحر الرائق: 12/2 الفتاوى الهندية: 112/2. درر الحكام: 111/2 بدائع الصنائع: 122/1 الفقه اإلسالمي وأدلته: 2 / 12 الموسوعة الفقهية: 22/1. 09 )1(

23 موقوف. 1. أن يعلم كل من العاقدين ما صدر من اآلخر بأن يسمع كالمه أو يرى إشارته ويعرف مراده منها وأن يعرف أن هذه العبارة أو تلك اإلشارة يقصد بها إنشاء العقد وإن لم يعرف معاني الكلمات اللغوية. ما يرجع إلى الصيغة: اتحاد مجلس اإليجاب والقبول. أن يوافق القبول اإليجاب حتى يتالقيا على شيء واحد. أن تكون الصيغة منجزة. بأن تكون مفيدة لمعناها في الحال غير معلقة على أمر سيحدث في المستقبل. ما يرجع إلى المحل: وهو المرأة المعقود عليها فيشترط فيها: أن تكون أنثى محققةاألنوثة. أال تكون المرأة محرمة عليه تحريما قطعيا ال شبهة فيه..2.1 شروط الصحة: ويترتب على تخلف شيء منها بطالن العقد أو فساده على الخالف بين الجمهور والحنفية في ذلك والذي سنشرحه في محله وشروط الصحة عند الحنفية هي: 2. أال تكون المرأة محرمة على الرجل الذي يريد التزويج بها تحريما ظنيا بأن كانت حرمتها ثابتة بدليل ظني أو مما يخفى تحريمها لالشتباه في أمره. 1. أن يكون العقد أمام شهود. شروط النفاذ: العقد إذا كان مستوفيا ألركانه وشروط صحته ال تترتب عليه آثاره بالفعل إال بشروط تسمى في عرف الفقهاء بشروط النفاذ ويجمعها أن يكون لكل من العاقدين الحق في إنشاء 21

24 عقد الزواج ويتحقق ذلك بكمال أهليتهما مع وجود صفة شرعية تجيز لهما إنشاء هذا العقد وكمال األهلية بالحرية والبلوغ والعقل والصفة هي األصالة أو الوالية أو الوكالة. شروط اللزوم: هي الشروط التي إذا تحققت كلها لم يكن ألحد الحق في فسخ العقد فإن تخلفت تلك الشروط أو بعضها كان العقد غير الزم يجوز فسخه إذا طلب ذلك صاحب الشأن ويشترط للزوم عقد الزواج إجماال أن يكون خاليا مما يوجب الفسخ ويتحقق ذلك بتوفر الشروط التالية: 2. أن يكون الزوج كفئا للزوجة إذا زوجت نفسها وهي كاملة األهلية أي بالغة عاقلة رشيدة. أال يقل مهرها عن مهر أمثالها من قوم أبيها إذا زوجت نفسها ولو كان الزوج كفئا لها. أن يكون المزوج لفاقد األهلية أو ناقصها كالمجنون والمعتوه والصغير والصغيرة األب.1.2 أو الجد المعروفين بحسن التصرف واالختيار. 1. أال يكون الزوج قد غرر في أمور تتعلق بكفاءته كأن يدعي نسبا معينا تم الزواج على أساسه ثم ظهر كذبه كان العقد غير الزم بالنسبة إلى طرف الزوجة فلها أو لوليها حق طلب الفسخ. مذهب الزيدية: تقسيم خاص تميزوا به عن غيرهم فقد نصوا على أن شروط الزواج التي ال يصح ولهم إال بها أربعة وهي: انظر: التاج المذهب: 11/1 البحر الزخار: 21/1. 20

25 الشرط األول: العقد: وله خمسة أركان هي: 2. الولي ويشترط أن يكون بالغا عاقال ولو كان فاسقا ذكرا حرا ألنه ال والية المرأة وال لعبد على ملتها. 1. أن يعقد بلفظ تمليك خاص للتزويج كزوجت أو أنكحت أو نحوهما أو عام كملكت ونذرت وتصدقت وبعت ووهبت حسب ما يقتضيه العرف. 2. أن يكون لفظ التمليك متناوال لجميعها أو بعضها إذ هو المقصود بالتمليك بالنكاح فيقول: زوجتكها أو ملكتك إياها أو زوجتك بعضها أو ملكتك بعضها. 1. أن يقع قبول لعقد النكاح مثله ألن من حق العقد أن يكون ماضيا مضافا إلى النفس مشتمال على جميعها أو بعضها فيقول فيه زوجتك أو أنكحتك ويصح بدون كاف الخطاب فيقول زوجت أو أنكحت. 2. أن يكون القبول واقعا في المجلس الذي وقع فيه اإليجاب وهو ما حواه الجدار في العمران وما يسمع فيه الخطاب المتوسط في الفضاء. الشرط الثاني: إشهاد عدلين فال يصح العقد إال بحضور شاهدين وسماعهما اإليجاب والقبول تفصيال وإن لم يقصد إشهادهما. الشرط الثالث: هو رضا الحرة والمكاتبة المكلفة وهي البالغة العاقلة ومن شرط الرضا أن يكون نافذا بأن تقول رضيت أو أجزت أو أذنت أو نحو ذلك مما يدل على أنها قد قطعت بالرضا فرضا الثيب يكون بالنطق بماض وذلك بأن تقول رضيت أو نحو ذلك فأما لو قالت سوف أرضى أو ما في حكمه فإنه ليس برضاء وإنما هو وعد بالرضاء. ومما يقوم مقام النطق القرائن القوية كقبض المهر وطلبه والتهيؤ للزواج ومسيرها إلى بيت 22

26 الزوج ومد يدها للحناء هذا إذا لم يدخل هذه القرائن احتمال كأن يكون الولي مهيبا تخشى منه إن لم ترض فال يصح أن تكون هذه القرائن رضى. الشرط الرابع: تعيين المرأة حال العقد وكذا تعيين الزوج فال يكفي قبلت ألحد أوالدي. مذهب اإلمامية: يقصر العقد على الصيغة فقد نصوا عند الحديث عن العقد والظاهر أن مذهب اإلمامية أن النكاح يفتقر إلى إيجاب وقبول دالين على العقد الرافع لالحتمال ومن الشروط التي ذكروها: األو ل: اإليجاب والقبول اللفظي ان وال يكفي مجر د الرضا وال المعاطاة وال الكتابة وال اإلشارة إ ال في األخرس فله إيقاعه باإلشارة. الثاني: أن يكون اللفظ بالعربية على األحوط وجوبا نعم مع العجز عن العربي ة يجوز إيقاعه بغيرها بعبارة تؤد ي نفس المعنى بحيث تع د ترجمته. الثالث: أن يكون اإليجاب من طرف الزوجة والقبول من طرف الزوج فال يكفي العكس. الرابع: أن ي قد م اإليجاب على القبول على األحوط وجوبا إذا كان القبول بمثل )قبلت( الخامس: يكون أن اإليجاب في الزواج الدائم بلفظ زو جت أو أنكحت أو مت عت مع االتيان ( يف األخير: مت عت( بما يجعله ظاهرا في الدوام وال يقع بغير ذلك مثل )وهبت( ونحوها. فتقول الزوجة مثال: )ز و ج ت ك نفسي على مه ر وقدر ه كذا( فيقول الزوج: )ق ب ل ت ( أو ر ض ي ت ويمكن أن يقول )قبلت التزويج( وال يجب ذلك. السادس: ال يشترط التطابق بين لفظ اإليجاب ومتعل ق القبول فلو قالت )زو ج ت ك نفسي( 23 شرائع اإلسالم: 121/1.

27 فقال الزوج: )قبلت النكاح( ص ح. السابع: أن ال يكون اللفظ ملحونا بنحو مبد ال للمعنى. يؤد ي إلى تغيير المعنى وال يؤث ر اللحن إن لم يكن الثامن: القصد إلى إيجاد مضمون العقد ( يأ قصد إيجاد الزوجية بين طرف ي العقد( وهو متوق ف على فهم معنى لفظ )زوجت( أي أ ن هذا القصد ال يت م وال يمكن تحقيقه من دون فهم معنى لفظ )زوجت( ولو بنحو اإلجمال فال يشترط الفهم التفصيلي فيكفي أن يعلم أ ن ما يقوله يدل على الزواج الدائم على المهر المعي ن المعلوم. التاسع: قصد اإلنشاء بأن يكون الموجب قاصدا بإيجابه إيقاع الزواج وأن يكون القابل قاصدا قبول ما أوقعه الموجب. العاشر: المواالة بمعنى عدم الفصل المعت د به بين اإليجاب والقبول. الحادي عشر: التنجيز بمعنى عدم تعليق العقد على شرط أو مجيء زمان فلو قالت الزوجة مثال: )زو جتك نفسي على المهر المعلوم بشرط مجيء زيد( يبطل العقد وال يص ح حت ى لو جاء زيد. نعم لو عل ق العقد على أم ر محق ق الحصول كما إذا قالت الزوجة في يوم الجمعة: )أنكحتك إن كان اليوم يوم الجمعة( فيص ح العقد. الثاني عشر: أن يكون العاقد: بالغا عاقال قاصدا غير هازل وال سكران. الثالث عشر: تعيين الزوجين ولو إجماال بنحو يؤد ي إلى تمييزهما عن غيرهما فال يكفي أن يقول: زو جتك إحدى بناتي. ولو كان عنده بنت واحدة كفى أن يقول زو جتك بنتي ولو تعد دن كفى أن يقول زوجتك الكبرى بذكر الوصف أو زو جتك هذه بأن يشير إلى واحدة بعينها. الرابع عشر: االختيار من الزوجين فلو أ كرها أو أ كره أحدهما لم يص ح العقد نعم لو لحقه 24

28 الرضا ص ح. مذهب اإلباضية: الظاهر من مذهبهم قصر العقد على الصيغة وقد نصوا على أنه يجوز عقد النكاح من ولي أو نائبه مع زوج أو نائبه وال يجوز - قيل - لولي امرأة أن يوكل غير ثقة فإن فعل جدد وال يفرق بينهما إن دخل وال يقبل من مدعي وكالة إال بصحة. وجاز للشهود أن يشهدوا على هذا القول وإن ادعت أن وليها وكلها في تزويج نفسها لم يقبل عنها ولم يجز ولو بينت وقيل: يجوز وتصدق إن كانت ثقة وقيل: مطلقا ومن ادعى أنه ولي فوكل أو زوج جاز ما لم يرب وقيل: إن أقرت وقيل إن كانت بنتا أو أختا وقيل: إن كانت بنتا وقيل: ال مطلقا إال بالصحة ونصوا على وجوب افشهاد على الزواج. 2 تعريف الصيغة وأركانها تعريف الصيغة: ثاينا الصيغة وشروطها تطلق الصيغة في االستعمال الفقهي على األلفاظ والعبارات التي يتركب منها العقد أي العبارات المتقابلة التي تدل على اتفاق الطرفين وتراضيهما على إنشاء العقد وهي التي تسمى في لغة الفقهاء باإليجاب والقبول وعلى ذلك عرفها بعضهم بقوله: هي ما يكون به العقد من قول أو إشارة أو كتابة تبيينا إلرادة العاقد وكشفا عن كالمه النفسي. 25 شرح النيل: 12/1.

29 وعرفها ابن عرفة بأنها مادل على عقد النكاح وعرفها اإلمامية بأنها اللفظ الذي وضعه الشرع وصلة إلى انعقاده )1(. مكونات الصيغة: تتركب الصيغة من لفظين صادرين من كال طرفي العقد يطلق عليهما ]اإليجاب والقبول[ وقد اختلف الفقهاء في استعمال هذين االصطالحين وفيما يلي توضيح هذا االختالف االصطالحي. اإليجاب: اختلف الفقهاء في استعمال لفظ اإليجاب على فريقين: الحنفية: اإليجاب هو اللفظ الصادر أوال من أحد المتخاطبين مع صالحية اللفظ لذلك رجال كان أو امرأة. الجمهور: اإليجاب هو ما صدر من البائع والمؤجر والزوجة أو وليها سواء صدر أوال أو آخرا ألنهم هم الذين سيملكون: المشتري السلعة المبيعة والمستأجر منفعة العين والزوج العصمة وهكذا. القبول: اختلف الفقهاء في استعمال لفظ القبول كما اختلف سابقا على فريقين: الحنفية: القبول اللفظ الصادر ثانيا من أحدهما الصالح لذلك مطلقا )1(. 26 شرح حدود ابن عرفة: 222. شرائع اإلسالم: 111/1. )1( البحر الرائق: 12/2.. درر الحكام: 241/2. )1(

30 الجمهور: هو ما يصدر ممن يتملك المبيع أو القرض أو ممن ينتفع به كالمستأجر والمستعير أو ممن يلتزم بعمل كالمضارب والمودع أو ممن يملك االستمتاع بالبضع كالزوج وسواء صدر القبول أوال أو آخرا وقد عرفه في شرائع اإلسالم بقوله: القبول: هو اللفظ الدال على الرضا بذلك اإليجاب كقوله: قبلت النكاح. حكم تقدم القبول على اإليجاب: اختلف العلماء في حكم تقدم القبول على اإليجاب على قولين: القول األول: اشتراط تقدم القبول على اإليجاب وهو مذهب الحنابلة فال يجوز عندهم تقدم اإليجاب على القبول واستدلوا على ذلك بأن القبول إنما يكون لإليجاب فمتى وجد قبله لم يكن قبوال لعدم معناه بخالف البيع ألن البيع يصح بالمعاطاة وألنه ال يتعين فيه لفظ بل يصح بأي لفظ كان مما يؤدي المعنى )1(. القول الثاني:عدم اشتراط تقدم أحدهما على اآلخر وهو مذهب الجمهور واإلمامية إال أن الحنفية يعتبرون القبول هو ما يذكره الطرف الثاني في العقد داال على رضاه بما أوجبه الطرف األول فهم يعتبرون الكالم الذي يصدر أوال إيجابا والكالم الذي يصدر ثانيا قبوال. 1 ما تتحقق به صيغة العقد وهي إما أن تتحق باللفظ وهو األصل أو بغيره من اإلشارة والكتابة وغيرها وسنتحدث شرائع اإلسالم: 112/1. مطالب أولي النهى: 11/2. )1( البحر الرائق: 12/2 مواهب الجليل: 111/2. 27

31 عن كال النوعين فيما يلي: أ الصيغة اللفظية للعقد لما كان األصل في الصيغة هو األلفاظ التي تعبر عن تراضي المتعاقدين فقد عني الفقهاء ببيان األلفاظ التي ينعقد بها من ناحية مادتها وناحية صورتها حتى تدل داللة صحيحة صريحة على مراد المتعاقدين وسنفصل كالم الفقهاء في ذلك فيما يلي: لغة الصيغة: اتفق الفقهاء على صحة استعمال اللغة العربية للتعبير عن اإليجاب والقبول واختلفوا في غيرها من اللغات على قولين: القول األول: يصح التعبير عن العقد بأي لغة كانت: عربية أو غير عربية سواء كان العاقدان قادرين على العربية أو عاجزين عنها وهو مذهب جمهور الفقهاء ومن أدلتهم على ذلك : 2. أن المقصود من الصيغة هو التعبير الواضح الصريح عن إرادة العاقدين وذلك يصح بأي لغة. 1. أن الزواج ليس أمرا تعبديا محضا بحيث تشترط فيه لغة بعينها أو صيغ بعينها بل هو كسائر العقود الشرعية. القول الثاني )1( : أنه ال يجوز للقادر على العربية أن يعقده بغيرها وهو مذهب الشافعية في قول والحنابلة ومذهب الظاهرية واإلمامية أما من ال يحسن العربية فيصح منه عقد النكاح بلسانه 28 مجمع األنهر: 221/2 الفروع: 211/2. )1( المجموع: 214/1 المنثور في القواعد الفقهية: 112/2 تحفة المحتاج: 112/2 مغني المحتاج: 111/1 المحلى: 12/1 شرائع اإلسالم: 122/1.

32 ألنه عاجز عما سواه فسقط عنه كاألخرس ويحتاج أن يأتي بمعناهما الخاص بحيث يشتمل على معنى اللفظ العربي فإن كان أحد المتعاقدين يحسن العربية دون اآلخر أتى الذي يحسن العربية بها واآلخر يأتي بلسانه. فإن كان أحدهما ال يحسن لسان اآلخر احتاج أن يعلم أن اللفظة التي أتى بها صاحبه لفظة اإلنكاح بأن يخبره بذلك ثقة يعرف اللسانين جميعا ومن أدلتهم على ذلك: 2. أنه عدول عن لفظ اإلنكاح والتزويج مع القدرة عليهما وهما اللفظان اللذان يصح بهما فقط الزواج. 1. أن الزواج فيه ناحية تعب دية فأشبه الصالة فكما أنها ال تصح بغير العربية للقادر عليها فكذلك الزواج. وقد اختلف القائلون بهذا القول في وجوب تعلم ألفاظ الزواج والنكاح باللغة العربية على الرأيين التاليين: الرأي األول: أنه ال يجب على من ال يحسن العربية تعلم ألفاظ النكاح بها ألن النكاح غير واجب فلم يجب تعلم أركانه بالعربية. كالتكبير. القول الثاني: وجوب تعلمها ألن ما كانت العربية شرطا فيه لزمه أن يتعلمها مع القدرة الترجيح: الظاهر من المقاصد الشرعية في العقود هو أنها معبرة عن رضا أصحابها وذلك يقتضي التعبر عن الرضا بأوضح ألفاظها وأدلها عرفا على المقصود من العقد وإال أصبح مجرد عقد شكلي ال يعبر عن مراده الشرعي ولذا نعجب أن يلغي بعض الفقهاء هذا االعتبار فينص على أنه لو لو لقنت المرأة غير العربية أن تقول لمن يريد الزواج بها: زوجت نفسي بالعربية وهي ال تعلم معناها 29

33 وقبل الزوج والشهود يعلمون جهلها بالعربية وعدم فهمها لما قالت أو ال يعلمون صح الزواج ومثله في جانب الرجل إذا لقنه وهو ال يعلم معناه وقد علل ذلك قاضي خان بقوله: ينبغي أن يكون النكاح كذلك ألن العلم بمضمون اللفظ إنما يعتبر ألجل القصد فال يشترط فيما يستوي فيه الجد والهزل بخالف البيع ونحوه( وقد رد ابن القيم على هذا االشتراط بقوله:)وأفسد من ذلك اشتراط العربية مع وقوع النكاح من العرب والعجم والترك والبربر ومن ال يعرف كلمة عربية والعجب أنكم اشترطتم تلفظه بلفظ ال يدري ما معناه ألبتة وإنما هو عنده بمنزلة صوت في الهواء فارغ ال معنى تحته فعقدتم العقد به وأبطلتموه بتلفظه باللفظ الذي يعرفه ويفهم معناه ويميز بين معناه وغيره( )1( ومثله جعفر السبحاني الذي خالف المشهور من مذهب اإلمامية في ذلك فقال: )والظاهر عدم القصور في الخطابات العام ة الواردة في القرآن نحو قوله تعالى: و أ ن ك ح وا األ يامى م ن ك م و )النور: 21( إذا كان المنشأ بغير العربي إنشاء نكاح في متعارفهم. ك م وإ مائ ك م الص ال ح ين م ن ع باد مضافا إلى أ ن سيرة المسلمين في فتح البالد غير العربية كانت على بعث رجال لتعليم األحكام والقرآن ولم ينقل في التاريخ دعوة المسلمين غير العرب على تعليم صيغ النكاح مع أ ن الشارع أمضى نكاح ك ل أ م ة بقوله: )ولكل قوم نكاح( وبالتالي أمضى ما يعب رون به عن هذه العلقة والمعاهدة. والظاهر االكتفاء بغير العربية مطلقا وطريق االحتياط واضح. هذا كل ه في التمك ن من العربية ولو بالتوكيل كما هو المعمول وأم ا فيما إذا لم يتمك ن فالش ك في كفاية غيرها أل ن القدر فتح القدير: 211/2 وانظر: درر الحكام شرح غرر األحكام: 211/2. إعالم الموقعين: 112/2. )1( التهذيب: 121/2 برقم

34 المسل م من تقييد اإلطالقات هو حالة التمك ن من العربية أل ن المقي د دليل لب ي وهو التسالم بين األصحاب وأم ا غير المتمك ن فهو باق تحته وإال يلزم تعطيل الزواج والنكاح وهو قطع ي البطالن الستلزامه الفساد العظيم( ولكن مع ذلك فإن إجراء العقد باللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم ولها محلها من القداسة لذلك تأثير نفسي كبير على المتعاقدين بحيث يحول من إجراءات العقد إلى إجراءات تعبدية تعطيها نوعا من القيمة والقداسة وهو مطلب من مطالب الشارع الحكيم. ألفاظ الصييغة: وهي األلفاظ التي يصح التعبير بها عن عقد الزواج وقد بحث الفقهاء فيما يصح من هذه األلفاظ خشية تسرب مفاهيم أخرى للزواج غير التي أرادها الشارع عن طريق تبديل األلفاظ وهو إدراك سابق من الفقهاء لما للمصطلحات من تدخل في تثبيت المفاهيم أو تغييرها وفيما يلي ذكر هذه األلفاظ بقسميها: ما اختلف فيه الفقهاء وما اتفقوا عليه وقد ذكرنا هذا التقسيم حرصا على بناء الزواج على ألفاظ متفق عليها مراعاة الختالف العلماء. ألفاظ متفق على صحة العقد بها: أجمع العلماء )1( على أنه ينعقد بكل لفظ مأخوذ من مادتي الزواج والنكاح سواء اتفقا من الجانبين أو اختلفا مثل أن يقول: زوجتك بنتي هذه. فيقول: قبلت هذا النكاح أو هذا التزويج ألنهما اللفظان اللذان ورد بهما نص الكتاب في أكثر من عشرين آية منها قوله تعالى: ف انك ح وا م ا 30 نظام النكاح في الشريعة االسالمية الغراء ج 2 ص 212. )1( البحر الزخار: 21/1 األشباه والنظائر: 244.

35 ط اب ل ك م )النساء: 2 (وقوله: و أ نك ح وا األ ي ام ى م ن ك م )النور: 21 (وقوله: ف ل م ا م ن الن س اء ق ض ى ز ي د م ن ه ا و ط را ز و ج ن اك ه ا )األحزاب: 22( ألفاظ متفق على عدم صحة العقد بها: اتفق الفقهاء عدم انعقاده باأللفاظ التالية: ألفاظ اإلباحة واإلحالل واإليداع واإلعارة والرهن: ألنها ال تفيد تحليل المرأة لزوجها والزواج من عقود التحليل ألنه يفيد ملك المتعة للزوج. لفظ الوصية: ألنه يفيد تمليكا مضاف لما بعد الموت والزواج يفيد التمليك في الحال فلم توجد عالقة مسوغة الستعمال لفظ الوصية في الزواج وروي عن الطحاوي من الحنفية أنه ينعقد مطلقا وعن الكرخي أنه ينعقد به إن قيدت بالحال كما إذا قال: أوصيت بابنتي لك اآلن. لفظ اإلجارة: ألنها مع إفادتها ملك المنفعة في الحال إال أنها شرعت مؤقتة بوقت معين والزواج شرع على الدوام والتأبيد وكل تأقيت فيه يلحق به الفساد على األصح. والعلة الجامعة بين عدم صحة العقد بهذه األلفاظ جميعا هي عدم انطباقها مع شروط الزواج من ملك المتعة الدائمة من حين العقد ولهذا يقاس على هذه األلفاظ كل ما ال يدل على ذلك )1(. األلفاظ المختلف فيها: اختلف الفقهاء فيما عدا األلفاظ السابقة كالهبة والتمليك والبيع والصدقة والجعل على األقوال التالية: 32 مجمع األنهر: 221/2. المغني 14/2 البحر الزخار: 21/1. )1(

36 القول األول : منع انعقاده بهذه األلفاظ كلها وقصوره على لفظي النكاح والتزويج وما اشتق منهما كأنا متزوج مثال وهو قول الشافعية والحنابلة وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء والزهري وربيعة ومن األدلة على ذلك: 2. قوله :)اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله( )1( وكلمة الله هي التزويج أو اإلنكاح فإنه لم يذكر في القرآن سواهما فوجب الوقوف معهما تعبدا واحتياطا. 1. أن النكاح يميل إلى العبادات لورود الندب فيه واألذكار في العبادات تتلقى من الشرع والشرع إنما ورد بلفظي التزويج واإلنكاح. 2. أنه عقد له خطره إذ به تحل المرأة بعد أن كانت حراما وتثبت به األنساب فيحتاج فيه إلى ألفاظ صريحة. 1. أن الشهادة شرط في النكاح والكناية إنما تعلم بالنية وال يمكن الشهادة على النية لعدم اطالعهم عليها فيجب أن ال ينعقد وبهذا فارق بقية العقود والطالق. 2. أما ما روي من أنه زوج امرأة فقال: ملكتكها بما معك من القرآن فقد أجيب على ذلك بأنه وهم من الراوي أو أن الراوي رواه بالمعنى ظنا منه ترادفهما وبتقدير صحته فهو معارض برواية الجمهور: زوجتكها. قال البيهقي: والجماعة أولى بالحفظ المغني: 14/2 أسنى المطالب: 221/2 مطالب أولي النهى: 11/2 األم 112/1. )1( صحيح ابن خزيمة: 122/1 المنتقى البن الجارود: 212/2 المسند المستخرج على صحيح مسلم: 221/2 سنن الدارمي: 11/1. البخاري: 2114/1 المسند المستخرج على صحيح مسلم: 11/1 سنن النسائي: 221/2. 33

37 . من الواحد ويحتمل أنه جمع بين اللفظين ومما احتج به على اختصاصه بذلك ص ة ل ك لن ب ي إ ن أ ر اد الن ب ي أ ن ي س ت نك ح ه ا خ ال قوله تعالى و ام ر أ ة م ؤ م ن ة إ ن و ه ب ت ن ف س ه ا ل ين )األحزاب: 24 ( حيث جعل النكاح بلفظ الهبة من خصائصه ن م ن د ون ال م ؤ م القول الثاني: صحة استعمال هذه األلفاظ مع القرينة الدالة على أن المتكلم أراد بها الزواج كذكر المهر معها وإحضار الشهود وما شابه ذلك وهو قول الحنفية )1( والضابط عندهم في ذلك هو أن كل لفظ وضع لتمليك العين في الحال يجوز العقد به واحترز بالحال عن الوصية ألنها لتمليك العين بعد الموت بل روي عن الطحاوي من الحنفية أنه ينعقد مطلقا وعن الكرخي أنه ينعقد به إن قيدت بالحال كما مر بيان ذلك سابقا ومن أدلتهم على ذلك: 2. أن ورود القرآن بهذين اللفظين ال يعني قصر إقامة العقد عليهما فيكون ما يفيد معناهما مثلهما فال وجه لمنع الزواج بهذه األلفاظ. 1. دعوى أن النصوص الشرعية لم تذكر في معرض تشريعة إال لفظي النكاح والزواج فغير مسلمة ألن القرآن الكريم ذكر لفظ الهبة أيضا في مقام تشريعه في قوله تعالى و ام ر أ ة م ؤ م ن ة إ ن و ه ب ت ن ف س ه ا ل لن ب ي )األحزاب: 24 (ودعوى الخصوصية بالنبي غير مسلمة ألن الخصوصية الثابتة له في هذا هي الزواج بدون مهر ال في خصوص لفظ الهبة ألن الله تعالى قال بعد ذلك: ق د ع ل م ن ا م ا ف ر ض ن ا ع ل ي ه م ف ي أ ز و اج ه م و م ا م ل ك ت النووي على مسلم: 121/1 شرح الزرقاني: 211/2 مغني المحتاج: 111/1. 34 )1( الفتاوى الهندية: 122/2.

38 أ ي م ان ه م ل ك ي ال ي ك ون ع ل ي ك ح ر ج و ك ان الل ه غ ف ورا ر حيما )األحزاب: 24 ( ونفى الحرج عن رسول الله ال يكون في اختصاصه بعقد الزواج بلفظ خاص لعدم أي مزية في ذلك. 2. أن السنة وردت بلفظ التمليك في قصة المرأة التي جاءت تعرض نفسها على النبي فأعرض عنها إلى أن قال أحد أصحابه: يا رسول الله إن لم يكن بك حاجة إليها فزوجنيها فسأله عن مهر يعطيه لها واعتذر بأنه ال يجد شيئا حتى قال له الرسول :)قد ملكتكها بما معك من القرآن( 1. أن كلمة الله الواردة في الحديث ال يراد بها لفظا النكاح والتزويج لعدم أي فائدة معنوية من ذلك بل معناه كما ذكره شراح الحديث إما أنه داللة على قوله تعالى: ف إم س اك )البقرة: 111 (أو أن المراد كلمة التوحيد وهي ال اله اال ب م ع ر وف أ و ت س ر يح ب إ ح س ان الله محمد رسول الله إذ ال تحل مسلمة لغير مسلم أو أن المراد باباحة الله والكلمة )النساء: 2 (قال النووي:)وهذا الثالث قوله تعالى: ف انك ح وا م ا ط اب ل ك م م ن الن س اء هو الصحيح وباألول قال الخطابي والهروى وغيرهما( )1( أو أن المراد بالكلمة االيجاب والقبول ومعناه على هذا بالكلمة التي أمر الله تعالى بها. 2. أن هذه األلفاظ تفيد تمليك العين في الحال وال تقبل التوقيت فإذا قالت المرأة للرجل: وهبت لك نفسي بمهر كذا أو ملكت نفسي أو جعلت لك نفسي بمهر قدره كذا سبق تخريجه. )1( النووي عل مسلم: 212/1. 35

39 أو قال وليها ذلك وقبل الرجل ينعقد الزواج ألن القرينة تعين المراد منها وأنه ال يقصد بها حقيقتها بل يقصد بها الزواج وأي شخص يفهم منها الزواج إذا ذكر المهر مع حضور الناس الحفل المعد للزواج. 1. أن تصور حكم الحقيقة ليس بشرط فإنه لو قال لحرة: اشتريتك بكذا كان نكاحا صحيحا والحرة ليست بمحل للبيع بل الشرط صحة التكلم. القول الثالث: التوسط بين المذهبين فأجازوا التزويج بلفظ الهبة إذا ذكر معها الصداق كأن يقول طالب الزواج: هب لي ابنتك بمهر كذا أو يقول ولي المرأة: وهبت لك ابنتي بمهر كذا ويقول اآلخر: قبلت وهو قول المالكية وقد اختلفوا في كل لفظ يقتضي البقاء مدة الحياة مثل:)بعت أو ملكت أو أحللت أو أعطيت أو منحت(على رأيين )1( : 2. ينعقد بها النكاح إن سمى صداقا حقيقة أو حكما وهو قول ابن القصار وعبد الوهاب والباجي وابن العربي. 1. أنه ال ينعقد بها ولو سمى صداقا وهو قول ابن رشد. ومن أدلتهم على صحة العقد بلفظ الهبة قصة واهبة نفسها للنبي التي سبق ذكرها وأدلة من أجاز غيرها من األلفاظ وهي أدلة الحنفية السابقة. وذهب الظاهرية إلى أنه ال يجوز النكاح إال باسم الزواج أو النكاح أو التمليك أو اإلمكان. 36 العناية شرح الهداية: 114/1. انظر: حاشية الصاوي: 224/1. )1( المحلى: 12/1.

40 الترجيح: من خالل ما سبق بيانه من أن العبرة في العقود ما اصطلحت عليه األعراف فإنه ليس لصيغة الزواج صيغة مخصوصة دل عليها الشرع أو حصر الشرع إقامة العقد بها ألن الزواج ليس عبادة محضة تفتقر إلى هذا النوع من التحديد. ولكن مع ذلك فإن االقتصار على األلفاظ التي وردت بها النصوص مراعاة لالختالف في هذا الجانب الخطير من الدين وحرصا على عدم تغيير معنى الزواج الذي ورد به الشرع إذا عبر عنه بألفاظ ال تدل عليه ألن كل لفظ يحمل داللة معينة ويدل على فهم معين للزواج فمن زوج ابنته بلفظ البيع مثال فإنه يدل على نظرة خاطئة للزواج تحمل معاني استعباد المرأة واسترقاقها وما أنزل الله بذلك من سلطان. زمن الصيغة: زمن الفعل الذي تتم به الصيغة إما أن يكون ماضيا أو مضارعا أو أمرا وقد اتفق الفقهاء على بعض هذه الصيغ واختلفوا في أخرى: الصيغة الزمنية المتفق عليها: اتفق الفقهاء على انعقاد الزواج بصيغة الماضي مثل قول ولي المرأة: زوجتك ابنتي وقول الزوج: قبلت الزواج بها ومن األدلة على ذلك: أن النكاح عقد فينعقد بصيغة الماضي كسائر العقود واختص بما ينبئ عن الماضي ألنه إنشاء تصرف وهو إثبات ما لم يكن ثابتا. أنه ليس لثبوت الزواج لفظ يختص به باعتبار الوضع فاستعمل فيه لفظ ينبئ عن الثبوت وهو 37 تبيين الحقائق: 11/1 شرائع اإلسالم 122/1.

41 الماضي دفعا للحاجة ألن اإلنشاء يعرف بالشرع ال باللغة فكان ما ينبئ عن الثبوت أولى من غيره ألن غرضهما الثبوت دون الوعد. الصيغة الزمنية المختلف فيها: وهي أن يعبر بلفظين أحدهما عن الماضي وباآلخر عن المستقبل كما إذا قال رجل لرجل: زوجني ابنتك أو قال: جئتك خاطبا ابنتك أو قال جئتك لتزوجني بنتك فقال األب: قد زوجتك أو قال المرأة: أتزوجك على ألف درهم فقالت: قد تزوجتك على ذلك أو قال لها: زوجيني أو انكحيني نفسك فقالت: زوجتك أو أنكحت وغيرها من الصيغ وقد اختلف الفقهاء فيها على قولين: القول األول: ينعقد الزواج بهذه الصيغ بشرط وجود قرينة مانعة من احتمال معنى آخر غير إنشاء العقد مثل إحضار الشهود وإعداد الحفل ودعوة الناس فهذه قرائن كافية تؤكد إرادة إنشاء العقد بقوله: زوجني نفسك أو أتزوجك وهو قول الحنفية والمالكية ومن أدلتهم على ذلك: 2. روايتهم عن بالل أنه خطب إلى قوم من األنصار فأبوا أن يزوجوه فقال: لوال أن رسول الله أمرني أن أخطب إليكم لما خطبت فقالوا له: ملكت ولم ينقل أن بالال أعاد القول ولو فعل لنقل وألن الظاهر أنه أراد اإليجاب. 1. االستحسان وجه االستحسان هنا أن المساومة التي توهمها هذه الصيغ ال تتحقق في النكاح عادة فكان محموال على اإليجاب بخالف البيع فإن السوم معتاد فيه فيحمل اللفظ عليه فال بد من لفظ آخر يتأدى به اإليجاب. 38

42 القول الثاني: ال ينعقد بهذه الصيغ جميعا وهو مذهب الشافعية والحنابلة واإلمامية ومن أدلتهم على ذلك أن لفظ االستقبال عدة واألمر من فروع االستقبال فلم يوجد االستقبال فلم يوجد اإليجاب. الترجيح: نرى أن األرجح في هذا هو مراعاة الصيغة التي يعتبرها العرف بشرط داللتها على الجزم فإن كانت الصيغة ال تدل على الجزم فإنه ال ينعقد العقد بها ولو كانت بالزمن الماضي ألن داللة الماضي على الثبوت هي داللة في العرف العربي الذي أجاز له الفقهاء هذه الصيغة وهي ال تعني بالضرورة سريانها في جميع األعراف أما غيرها من األزمنة فال حرج في استعمالها إذا كانت دالة على هذا الجزم وقد ورد في القرآن الكريم قول الشيخ الصالح لموسى : إ ن ي أ ر يد أ ن أ نك ح ك ي ة ح ج ج ف إ ن أ ت م م ت ع إ ح د ى اب ن ت ي ه ات ي ن ع ل ى أ ن ت أ ج ر ن ي ث م ان ن الص ال ح ين )القصص: ع ل ي ك س ت ج د ن ي إ ن ش اء الل ه م ش را ف م ن ع ن د ك و م ا أ ر يد أ ن أ ش ق 12 (فقال له موسى : ذلك بيني وبينك )القصص: 11 ( قال ابن العربي: )وهذا انعقاد عزم وتمام قول وحصول مطلوب ونفوذ عقد. وقد قال النبي : يا بني النجار ثامنوني بحائطكم فقالوا: ال نطلب ثمنه إال إلى الله )1(. فانعقد العقد وحصل المقصود من الملك( لكن المعاصرين من فقهاء الشيعة والحنفية والمالكية ال يرون مانعا من صحة العقد بصيغة المضارع أو األمر. فلو قالت المرأة: أزوجك نفسي على الصداق المعلوم فقال: قبلت صح العقد. وكذلك لو قال الرجل: زوجيني نفسك. فقالت المرأة: زوجتك نفسي صح العقد أيضا. )1( البخاري: 212/2 مسلم: 222/2 صحيح ابن خزيمة: 2/1 صحيح ابن حبان: 12/1. أحكام القرآن: 112/2. 39

43 حكم التصحيف في الصيغة: التصحيف هو تغيير في اللفظ يؤدي إلى تغيير في معناه ومن أمثلة التصحيف في ألفاظ العقد التي ذكرها الفقهاء:)زوزتك بإبدال الجيم زايا أو جوزتك بإبدال الزاي جيما( ومثله قول األلثغ في إيجاب عقد النكاح وقبوله:)زودني أو أنتحني وتزويدها ونتاجها بدال عن زوجني وأنكحني وتزويجها ونكاحها( وقد ذكر الفقهاء في هذا التصحيف رأيين: 2. رأي اتبع فيه العلماء قول الغزالي:)أن الخطأ في الصيغة إذا لم يخل بالمعنى ينبغي أن يكون كالخطإ في اإلعراب(وأن جميع ما ذكر فيها ونحوه من اللغات التي ألفتها العامة ال يضر. 1. رأي عن بعض الحنفية: أنه ال ينعقد بألفاظ مصحفة على طريق الغلط أما لو اتفق قوم على النطق بهذه الغلطة بحيث إنهم يطلبون بها الداللة على حل االستمتاع وتصدر عن قصد واختيار ففيه قول بانعقاد النكاح بها حتى أفتى به بعض المتأخرين وأما صدورها ال عن قصد إلى وضع جديد فال اعتبار به ألن استعمال اللفظ في الموضوع له أو غيره طلب داللته عليه وإرادته فبمجرد الذكر ال يكون االستعمال صحيحا فال يكون وضعا جديدا )1(. ونرى أن كال الرأيين متفقين على جواز التصحيف بشرط أن يكون اللفظ المصحف معروفا في داللته على الزواج وهو ما يعرف بالعرف أما ما ال يدل على ذلك وال يفهمه الشهود فال يصح به العقد إال إذا دلت القرائن عليه. حكم األخطاء النحوية في الصيغة: 41 الفتاوى الفقهية الكبرى ابن حجر: 242/1. مجمع األنهر: 221/2. )1(

44 ومن األمثلة التي ذكرها الفقهاء لهذا النوع من الخطأ )زوجت لك أو إليك بدل زوجتك أو زوجتك بفتح التاء(ومثله ما لو قال الزوج: قبلت بفتح التاء وقد أفتى أكثر الفقهاء بجواز األخطاء النحوية لعمو البلوى بها. وفصل آخرون في المسألة على النحو التالي: 2. إن كان ذلك الخطأ من قادر على العربية عارف بها قادر عل إصالحها فإنه ال يصح عقده. 1. أما إن كان من جاهل عاجز فيصح )1(. ونرى أن األرجح في هذا هو الجواز مطلقا ألن العبرة في العقود هو داللتها ال ألفاظها وقد عمت البلوى باألخطاء النحوية ولكنه مع ذلك يستحب أن يؤتى بها فصيحة معربة تعبدا من غير اعتقاد لوجوب ذلك أو تكليف للعامة به. ب صيغة العقد من غير الكالم: األصل في صيغة العقد أن تكون بالكالم ولكن قد تحصل بغير الكالم من وسائل التعبير األخرى ومن هذه الوسائل: الكتابة: يختلف حكم التعاقد عن طريق الكتابة بحسب الحالتين التاليتين: الحالة األولى: إذا كان العاقدان في مجلس واحد وكانا قادرين على الكالم ومع ذلك عبرا مغني المحتاج: 111/1. كشاف القناع: 21/2 الفتاوى الفقهية الكبرى: 242/1. )1( 40

45 عن العقد بالكتابة بدل الكالم فإنه ال ينعقد الزواج بالكتابة في هذه الحالة باتفاق الفقهاء لألدلة التالية: أن عقد الزواج أساسه العلنية دون السرية وبالكتابة يكون سرا. أن الشهادة شرط فيه وال اطالع للشهود على النية ولو قاال بعد المكاتبة: نوينا كانت شهادة.2.1 على إقرارهما ال على نفس العقد فال يصح. الحالة الثانية: إذا لم يكن العاقدان في مجلس واحد وقد اختلف فيها الفقهاء عل قولين: القول األول )1( : أن ذلك جائز إذا كان بمحضر الشهود وسمع الشهود كال من اإليجاب والقبول كما لو قالت حين بلغها الكتاب وقرأته على الشهود: إن فالنا كتب إلي يخطبني فاشهدوا أني قد زوجت نفسي منه فهذا صحيح ألنهم سمعوا كالم الخاطب بإسماعها إياهم إما بقراءة الكتاب أو العبارة عنه وسمعوا كالمهما حيث أوجبت العقد بين أيديهم فلهذا تم النكاح أما إذا كتب إليها فلما بلغها الكتاب قالت: زوجت نفسي منه بغير محضر من الشهود فإنه ال ينعقد النكاح كما في حق الحاضر الشتراط الشهود حين العقد وكذلك لو قالت بين يدي الشهود: زوجت نفسي منه ال ينعقد النكاح أيضا ألن سماع الشهود كالم المتعاقدين شرط لجواز النكاح وإنما سمعوا كالمها هنا ال كالمه. وقاعدة الحنفية في ذلك أن )الكتاب من الغائب بمنزلة الخطاب من الحاضر( ومن أدلتهم على ذلك: 212/2 تبيين الحقائق: 11/1 كشف المجموع: 214/1. 21/2 فتح القدير: بدائع الصنائع: 122/1 المبسوط: )1( األسرار: 12/2 البحر الرائق: 121/1 رد المحتار: 122/1. 42

46 2. أن أم حبيبة كانت تحت عبيد الله بن جحش فمات بأرض الحبشة فزوجها النجاشي النبي وأمهرها عنه أربعة آالف وبعث بها إلى رسول الله مع شرحبيل بن حسنة. 1. أن الرسول كان يرى الكتاب تبليغا تقوم به الحجة وقد بلغ تارة بالكتاب وتارة باللسان فإنه كتب إلى ملوك اآلفاق يدعوهم إلى الدين وكان ذلك تبليغا تاما فكذلك في عقد النكاح الكتاب بمنزلة الخطاب. 2. أن الكتاب له حروف ومفهوم يؤدي عن معنى معلوم فهو بمنزلة الخطاب من الحاضر. القول الثاني )1( : ال ينعقد الزواج في غيبة أو حضور بالكتابة وهو قول الشافعية واختلف قول الحنابلة في ذلك لألدلة التالية: اشتراط حضور الشهود وسماع كال المتعاقدين وهو يتنافى مع الكتابة. أن الصحيح في حديث النجاشي أن عمرو بن أمية كان وكيل رسول الله في ذلك.2.1 بعث به إلى النجاشي يزوجه إياها وقيل الذي ولي العقد عليها خالد بن سعيد بن العاص ابن عم أبيها. أن الكتابة كناية قال الدردير:)ال تكفي اإلشارة وال الكتابة إال لضرورة خرس( )1( تراخي القبول عن اإليجاب في الكتابة مع اشتراطهما..2.1 قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه المستدرك: 211/1 وانظر:صحيح ابن حبان: 211/22 المنتقى البن الجارود: 221 سنن أبي داود: 122/1 سنن النسائي: 222/2. المجموع: 214/1 اإلنصاف: 122/1 أسنى المطالب: 221/2. )1( حاشية ابن القيم: 22/1. حاشيسة الصاوي: 224/1 وانظر: اإلنصاف: 122/1. )1( 43

47 الترجيح: نرى أن األرجح في المسألة هو صحة العقد بالكتابة إذا دعت الضرورة لذلك كأن يكون العاقد غائبا أو أخرس واألولى توكيل من يتولى العقد مراعاة للخالف. وقد ذهب إلى هذا الترجيح العالمة السبحاني فقال: )المشهور عدم كفاية الكتابة لعدم الدليل عليها وجريان السيرة على اللفظ في اإلنشاء. ولكن ه لو كانت الكتابة أمرا رائجا بين األقوام بحيث يكون االعتبار بها دون اللفظ فاألقوى االكتفاء بها وقد عرفت أن ه ]لك ل قوم نكاح[ وهو إمضاء له بك ل ما يتحق ق به من الشؤون ومع ذلك طريق االحتياط معلوم( وقد ذكر النووي الكيفية المثلى لذلك إذا دعت الضرورة لمثل هذه الطريقة من التعاقد فقال:)وحيث حكمنا بانعقاد النكاح بالمكاتبة فليكتب: زوجتك بنتي ويحضر الكتاب عدالن وال يشترط أن يحضرهما وال أن يقول لهما: اشهدا بل لو حضرا بأنفسهما كفى فإذا بلغ الكتاب الزوج فليقبل لفظا ويكتب القبول ويحضر القبول شاهدا اإليجاب فإن شهده آخران فوجهان أصحهما ال يصح ألنه لم يحضره شاهد له والثاني الصحة ألنه حضر اإليجاب والقبول شاهدان ويحتمل تغايرهما( )1( اإلشارة: يختلف حكم التعاقد عن طريق اإلشارة بحسب األحوال التالية : الحالة األولى: العاجز عن الكالم إن كان ال يحسن الكتابة فإنه ينعقد زواجه بإشارته نظام النكاح في الشريعة االسالمية الغراء )ج 2 ص: 211( المجموع: 214/1 وانظر: األشباه والنظائر: 241. )1( بدائع الصنائع: 122/1 الموسوعة الفقهية: 121/1 مغني المحتاج: 124/1. 44

48 المعروفة باتفاق الفقهاء وقد أجاز الحنفية اإلشارة من المصمت هو الذي عرض له مانع من الكالم ألجل علة عرضت وقد كان فصيحا ولو كان مما يرجى زواله كوجع الحلق. وفرق الشافعية بين إشارة األخرس التي ال يختص بها الفطنون فحكموا بانعقاده بها بخالف ما يختص بها الفطنون فإنه ال ينعقد بها ألنها كناية. على قولين: الحالة الثانية: العاجز عن الكالم إن كان يحسن الكتابة وقد اختلف الفقهاء في صحة عقده القول األول: أنه ينعقد ألن األصل في العقد أن يكون بالكالم فإذا عجز عنه طلب معرفة غرضه بأي وسيلة ويستوي في ذلك اإلشارة والكتابة ألنهما يدالن على مراده. القول الثاني: أنه ال ينعقد باإلشارة بل ال بد من الكتابة ألنها أقوى بيانا من اإلشارة حيث يعرفها كل من يقرأ بخالف اإلشارة فانه ال يعرفها إال القليل وإذا لم يتساويا اعتبر األقوى. الحالة الثالثة: إشارة القادر على الكالم وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم اعتبارها في العقود خالفا للمالكية الذين ذهبوا إلى أن إشارة الناطق معتبرة كنطقه ألنها يعبر عليها بالكالم كما قال تعالى: ق ال ر ب اج ع ل ل ي آي ة ق ال آي ت ك أ ال ت ك ل م الن اس و س ب ح ب ال ع ش ي و اإل ب ك ار )آل عمران: 12 (والرمز: اإلشارة. ث ال ث ة أ ي ام إ ال ر م زا و اذ ك ر ر ب ك ك ث يرا الترجيح: نرى أن األرجح في المسألة نظرا لخطورة العقد عدم صحة التعبير باإلشارة في مجلس العقد لعدم داللتها الصريحة إال لألخرس الذي ال يعرف الكتابة فعقد الزواج أخطر من أن يبنى على إشارة قد يساء فهمها. إرسال الرسول: 45

49 ومثل الكتابة إرسال الرسول الذي يبلغ إيجاب الموجب وقد اتفقت المذاهب الفقهية على صحة العقد بهذه الصورة إن حصل اإلشهاد فلو أرسل شخص رسوال المرأة ليبلغها أنه يقول لها: تزوجتك أو زوجيني نفسك فتقول: قبلت زواجه أو زوجته نفسي ت م العقد إذا كان أمام شاهدين سمعا كالم الرسول باإليجاب وقبولها في مجلس تبليغ الرسالة ولم يفرق الحنفية في ذلك بين الزوج أو الولي ولو كان الرسول كافرا أو امرأة أو صبيا مميزا أو عبدا محرما وأجازوا أن يكون الرسول أحد الشاهدين. بل أجاز أبو يوسف أن ال يسمع كالم الرسول أو قراءة الكتاب بناء على أن قولها: زوجت نفسي شطر العقد عند أبي حنيفة ومحمد والشهادة في شطري العقد شرط ألنه يصير عقدا بالشطرين فإذا لم يسمعا كالم الرسول وقراءة الكتاب فلم يوجد شطر الشهادة على العقد وقول الزوج بانفراده عقد عند أبي يوسف وقد حضر الشاهدان وهو خالف رأي الجمهور في ذلك ومما استدلوا به لذلك: 2. أن الرسالة تبليغ عبارة المرسل إلى المرسل إليه ولكل واحد من هؤالء عبارة مفهومة فيصلح أن يكون رسوال. 1. أن سليمان جعل الهدهد رسوال في تبليغ كتابه إلى بلقيس فاآلدمي المميز أولى أن يصلح لذلك. لكن الزواج بهذه الصورة ال يلزم الزوج إال إذا أقر بالرسالة أوأقامت عليه البينة بأن الرسول بلغها رسالة المرسل أما إذا أنكر الزوج الرسالة ولم تقم عليه البينة لها فالقول قوله وال نكاح بينهما ألن الرسالة لما لم تثبت كان المخاطب فضوليا ولم يرض الزوج بما صنع فال نكاح بينهما. واألولى حتى ال يتالعب الناس بالعقود الشرعية أن يجعل الضمان على الرسول المبلغ إن 46

50 كان من أهل الضمان وقد اختلف الحنفية في مقدار المهر الذي يجب ضمانه على المبلغ في حال جحود المرسل على رأيين: 2. أن على الرسول جميع المهر بحكم الضمان وذلك ألن الزوج منكر ألصل النكاح وإنكاره أصل النكاح ال يكون طالقا فال يسقط به شيء من الصداق بزعم الكفيل. 1. أن على الرسول نصف الصداق ألن من ضرورة سقوط نصف الصداق عن األصيل سقوطه عن الكفيل فلهذا كان الكفيل ضامنا لنصف الصداق. وقد جمع بعض الحنفية بين الرأيين كما يلي: 2. أن لها على الرسول نصف الصداق إذا استحلف القاضي الزوج بنكاحها فنكل وطلبت المرأة من القاضي التفريق ففرق بينهما ألن الفرقة جاءت من قبل الزوج قبل الدخول بها. 1. إذا لم تطالب المرأة القاضي بالتفريق فيكون في زعمها أن الواجب جميع المهر فيجب على الرسول كله )1(. ونرى أن هذا الرأي هو األرجح احتراما للعقد وتعظيما له ومنعا للتالعب به. المعاطاة: وهو أن ال يذكر العاقدان شيئا من اإليجاب والقبول بل يتراضيان على قدر من المهر وينفذه الزوج أو وكيله وتأخذه المرأة أو وكيلها وتسلم المرأة نتيجة ذلك نفسها وهو ال يجوز إجماعا ومن األدلة على ذلك: المبسوط: 14/2. مجمع الضمانات: 212. )1( درر الحكام: 211/2 بلغة السالك: 212/1 تبيين الحقائق: 12/1. 47

51 2. أن الناس كانوا يتزوجون في عهد رسول الله بل وفي جميع العصور ولم يؤثر عنهم أنهم عقدوا الزواج بهذه الصورة بخالف العقود األخرى فإن الكثير منها كانوا يعقدونه باألفعال ]التعاطي[ فليس في هذه الصورة إال اإليجاب والزواج ال يتحقق باإليجاب وحده. 1. لم ينعقد الزواج بالمعاطاة مع جوازها في البيع مبالغة في صيانة الحرمات عن الهتك واحتراما لشأنها ولذا قال بعضهم: ينعقد به في الخسيس ال النفيس. 2. أن اإلسالم رسم للعقد طريقة يعقد بها ليست هذه منها. اإلقرار بالزواج: كأن يقول الرجل هي امرأتي من دون عقد سابق وقد اختلف الفقهاء في ذلك على قولين كالهما نص عليه الحنفية: القول األول: أنه ال ينعقد الزواج به ألن اإلقرار إظهار لما هو ثابت وليس بإنشاء وهذا ال يتنافى مع ما صرحوا به من أن النكاح يثبت بالتصادق ألن اإلقرار ال يكون من صيغ العقد والمراد بقولهم: إنه يثبت بالتصادق أن القاضي يثبت الزواج بالتصادق ويحكم به. القول الثاني: أنه ينعقد به إن كان بمحضر من الشهود ويجعل اإلقرار إنشاء كما لو قالت: جعلت نفسي زوجة لك فإنه ينعقد به وإن لم يكن بمحضر من الشهود ال ينعقد. وقد نصوا على أن األرجح في هذا الخالف أنه تفصيل في المذهب فان األول محمول على ما إذا قصدا مجرد اإلخبار عن حصول عقد الزوجية بينهما في الماضي ولم يكن بينهما عقد أو كان العقد بغير شهود والثاني على ما إذا قصدا باإلخبار إنشاء العقد فينعقد في الحال. العقد بالهاتف: 48

52 ال ينعقد الزواج بواسطة الهاتف الحالي والمستعمل عند جماهير الناس ألنه يشترط لصحته حضور شاهدين يسمعان كالم العاقدين ويفهمان المراد منه إجماال عند جماهير الفقهاء. وحضور الشهود وسماعهم ممكن في حال اجتماع العاقدين في مكان واحد وفي حالة إرسال الرسول أو الكتاب ألن السماع ممكن فيها أما في حال التكلم في الهاتف فان الشاهدين يسمعان كالم أحد العاقدين فقط وسماعهما اإليجاب وحده أو القبول وحده غير كاف في صحة العقد وكذلك لو شهد اثنان على كالم أحدهما وآخران على كالم اآلخر ألن الشهادة لم توجد على العقد. أما عند من لم يشترط الشهادة فيمكن أن يقال إنه ينعقد متى تأكد كل من الطرفين من شخصية اآلخر ووضوح عبارته والتأكد من ذلك عسير الشتباه األصوات وإمكان تقليدها. ولكن الهواتف الحديثة المتطورة والتي قد تكون لها تطويرات أكثر في المستقبل تزيل هذا العائق فتنقل الصوت والصورة بدقة عالية بحيث يمكن أن يرى الشهود ويسمعون كال العاقدين ولكنه مع ذلك يبقى هذا حال ضروريا ال يغني عن المجالسة واللقاء في حال انتفاء الضرورة سدا لذريعة التالعب بالعقود الشرعية. أما عند المالكية الذين ال يشترطون اإلشهاد إال عند البناء فيمكن أن يتم العقد بهذه الصورة بشرط التأكد من أن الصوت غير مقلد وأن األمر جد ال تالعب فيه. اإلنترنت: من وسائل االتصال الحديثة )االنترنت( وهي من الوسائل التي يجري بها االتصال الكثيف بين الناس بل تعقد بها الصفقات وتتم من خاللها جميع الخدمات فهل يجوز إجراء عقد الزواج من خاللها 49

53 نرى والله أعلم بناء على الضوابط السابقة بأن االنترنت أكثر تطورا من الهاتف فيمكن أن تنقل الصورة والصوت وأن تجمع بين الكالم والكتابة فهي بذلك وسيلة مضمونة األداء فيصح العقد من خاللها بشرط تولي وسيط عارف باألحكام الشرعية ضامن للحقوق كأن يتولى مختصون وضع برنامج وسيط إلجراء العقود الشرعية تتوفر فيه المعرفة باألحكام الشرعية باإلضافة إلى ضمان الحقوق في حال النكول. وقد أفتى بهذا الكثير من الفقهاء المعاصرين من المدارس اإلسالمية المختلفة. 2 شروط الصيغة ذكر الفقهاء للصيغة الشروط التالية مع اختالف بينهم في تفاصيلها: أ اتحاد المجلس في عقد النكاح للعلماء في ارتباط اإليجاب بالقبول في عقد النكاح مع اتحاد المجلس ثالثة أقوال: القول األول : اشتراط اتحاد المجلس مع عدم اشتراط الفور وهو مذهب الحنفية والصحيح عند الحنابلة وعند بعض المالكية فلو اختلف المجلس لم ينعقد فلو لم يصدر من العاقدين أو أحدهما ما يلغي اإليجاب بعد صدوره كأن يرجع الموجب عن إيجابه قبل القبول أو يعرض الطرف اآلخر فال يجد ذلك القبول إيجابا يرتبط به فإنه ال ينعقد العقد ألن المكان وإن كان واحدا إال أن وجود الفاصل بين اإليجاب والقبول بالعمل األجنبي منع االتحاد حكما. هذا ومجلس عقد الزواج بالنسبة للتعاقد بطريق الرسالة أو الكتاب هو مجلس تبليغ الرسالة أو قراءة الكتاب أمام الشهود فلو بلغ الرسول الرسالة إلى المرأة ثم اشتغلت بشيء آخر ثم قبلت درر الحكام: 212/2 الفتاوى الهندية: 111/2 المبسوط: 121/1 الفتاوى الهندية: 111/2. 51